&&^^ضوابط شرعيه لإلقاء النشيد وإستماعه^^&&
صفحة 1 من اصل 1
&&^^ضوابط شرعيه لإلقاء النشيد وإستماعه^^&&
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النشيد من البدائل التي انتشر سوقها في الأزمنة المتأخرة، حتى أصبحت تعد الأكثر مبيعاً لأصحاب التسجيلات، مما يدل على انتقال هذا البديل من كونه بديلاً عن الأغنية الماجنة ليصبح عند شريحة ليست بالقليلة من الناس أصلاً؛ يقضي معه البعض غالب وقته فيه، فيستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير!.
وهذه ظاهرة تحتاج إلى وضع ضوابط وأسس، لأن الناس فيها بين غالٍ ومتساهل، ومن هنا فقد اجتهدت في وضع ضوابط شرعية لهذه الأناشيد، لكي يستفاد من هذا البديل فائدة شرعية، فأقول، وبالله التوفيق:
أولاً: ألا يكون في هذه الأناشيد صوت امرأة، لأن الله تعالى نهى المرأة أن تخضع بصوتها فقال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً). [الأحزاب: 32].
قال البغوي في تفسير هذه الآيات:
(فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ): لا تَلِنَّ بالقول للرجال، ولا ترققن الكلام.
(فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ): أي: فجور وشهوة، وقيل نفاق، والمعنى لا تقلن قولاً يجد منافق أو فاجر به سبيلاً إلى الطمع فيكن. والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب لقطع الطمع.
(وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً): لوجه الدين والإسلام، بتصريح وبيان، من غير خضوع([1]).
فالمرأة كما هو معلوم مطالبة دائما بخفض صوتها في العبادات، فإذا نسي الإمام ُتصفق ولا تسبح، وفي التلبية والتكبير مأمورة بخفض صوتها، بحيث لا يسمعها الرجال الأجانب، ولا يلزمها الأذان، فإذا كانت مأمورة في هذه الأمور العبادية بخفض صوتها، فكيف بما يستدعي رفع الصوت وترقيقه وهو أصلاً ليس من العبادات؟!.
ثانياً: ألا يصحبها آلات طرب كدفٍّ ونحوه: يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "الدف حرام، والمعازف حرام، والكوبة حرام، والمزمار حرام"([2]).
وهل يظن من يبيح للناس مثل هذه المعازف أن ابن عباس - حبر هذه الأمة وترجمان القرآن - يفتري على الله الكذب بتحريمها؟! كلا، فهو – رضي الله عنه وأرضاه - منـزّه عن هذا.
ورُوى عن إبراهيم النخـعي: "أن أصحاب ابن مسعود كانوا يستقبلون الجواري في المدينة ومعهن الدفوف فيشققونها "([3]).
ويستثنى من ذلك ما استثناه الشارع والله أعلم. وأما المزامير فالأمر فيها واضح وبيّن ولله الحمد.
ثالثا: ألا يخرج النشيد إلى حد الغناء والإلحان الماجنة، كأن يشبه الغناء من ناحية الوزن واللحن، أو يتضمن النشيد مدّاً فاحشاً كمدّ أهل الغناء، أو بعض (الآهات) التي لا معنى لها.
قال ابن قدامة: "وأما الحداء فمباح لا بأس به في فعله واستماعه، وكذلك نشيد الأعراب وسائر أنواع الإنشاد، ما لم يخرج إلى حد الغناء"([4]).
وعلة النهي أن الرسول صلى الله عليه وسلّم حذر كل التحذير من التشبه بالمائعين والمخنثين وأيضا أنه يذكر المستمع بالأغاني المحرمة.
ومن المعلوم أن أكثر الناس يلتفت إلى النغم واللحن أكثر من التفاته إلى المعنى والنظم، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عن الانتباذ في المزفت والحنتم والنقير، وهي الأواني التي كانت مخصوصة للخمر، فنهى عنها صلى الله عليه وسلّم لأنها تذكّر بها، وهي علة التحريم؛ إذ لا لذة في رؤية القنينة وأواني الشرب، لكن من حيث التذكير بها، والذّكر سبب انبعاث الشوق، وانبعاث الشوق إذا قوي فهو سبب الإقدام([5]).
رابعاً: ألا تشتمل كلمات النشيد على معنى محظور في الشرع، كأن يكون وسيلة لترويج الشعارات القومية والوطنية، أو أن يكون فيها بعض العبارات الشركية.
خامساً: ألا يُنشد بالأذكار الشرعية، كمن يردد كلمة التوحيد، أو يردد لفظ الجلالة، لأن في هذا تشبهاً بأهل التصوف.
وليس من الشروط ما ذكره بعضهم:
1 ـ أن يكون المنشد واحداً وبدون صوت جماعي، لأنه ثبت في صحيح البخاري أن الصحابة كانوا يرددون الشعر بأصوات جماعية، كما في حديث أنس رضي الله عنه في قصة حفر الخندق، قال: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما بنا من النصب والجوع قال: "اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة". فقالوا مجيبين: "نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبداً".
2 ـ ألا يُتخذ أسلوباً في الدعوة إلى الله، لأنه لم يثبت بدليل صحيح صريح اشتراطه، ومتى توفرت الشروط الآنفة الذكر فإن النشيد يكون مباحاً، واستعمال المباح مباح؛ خاصة إذا علمنا أنّ الأناشيد أحياناً يلهب الحماس للجهاد، ويحرّك النفوس.
كما أن للمستمع للنشيد أيضاً ضوابط لا بد أن يلتزم بها؛ حتى لا يقع في المحذور، فمن تلك الضوابط:
أولاً: أن يقصد من سماعه تذوق معاني الشعر المنشَد؛ لا التعبد شأن أهل السماع الصوفي البدعي، أو اللذة والطرب شأن أهل الغناء الفسقي.
ثانياً: ألا يحدث بسببه مفسدة في الدين، كالتلهي عن سماع القرآن والعلم، أو مفسدة دنيويّة كتضييع بعض الواجبات والمصالح المهمة بسبب الاشتغال به.
ثالثاً: ألا تُتخذ الأناشيد ديدناً في كل وقت وحين: روى البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعا: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً".
قال أبو عبيد: "معناه: أن يغلب عليه الشعر حتى يشغله عن القرآن والعلم"([6]).
رابعاً: ألا يقترن به حين السماع حركات أهل الغناء كالتمايل وهزّ الرؤوس فإنه يكون حينئذ محظوراً.
عن علقمة مولاة عائشة رضي الله عنها: "أن بنات أخي عائشة رضي الله عنها خفضن - الخفض: ختان الجارية - فآلمهن ذلك، فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين، ألا ندعو لهن من يلهيهن؟! قالت: بلى.
قالت: أم علقمة، فأرسل إلى فلان المغني فأتاهم، فمرّت به عائشة رضي الله عنها في البيت، فرأته يغني ويحرّك رأسه طرباً - وكان ذا شعر كثير - فقالت: أفٍ، شيطان! أخرجوه، أخرجوه، فأخرجوه". [سنن البيهقي].
خامساً: ألا يُتخذ النشيد عبادة وقربى، كمن يعتقد أنه من الدين، أو أنه يزيد في جذوة الإيمان وأحوال القلب، كالخوف والخشية والحب والرجاء، أو يتخذ وسيلة لترقيق القلب وخشوعه.
قال الغمام الشاطبي: "ولا كان المتقدمون أيضا يعدون الغناء ـ تلحين الشعر ـ جزءاً من أجزاء طريقة التعبد وطلب رقة النفوس وخشوع القلوب"([7]).
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مختصر الفتاوى المصرية: "أما سماع القصائد لصلاح القلوب والاجتماع على ذلك ؛ إما نشيدا مجردا أو مقروناً بالتغبير ونحوه ، فهذا السماع محدث في الإسلام بعد ذهاب القرون الثلاثة ، وقد كرهه أعيان الأئمة ولم يحضره أكابر المشايخ"([8]).
هذا ما تيسر لي جمعه في هذا الموضوع، وأوصي الإخوة والأخوات جميعاً أن يتقوا الله تعالى، ويستعدوا لما بعد الموت، ويشتغلوا بالفاضل عن المفضول، وألا تضيع أعمارهم في أمر ليس له شأن كبير، فالحياة قصيرة وإن طالت، والفرحة ذاهبة وإن دامت، فحاسب نفسك قبل أن تحاسب، وزنها قبل أن توزن، وتأهب للعرض الأكبر: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ). [سورة الحاقة، الآية: 18].
أسأل الله تعالى أن يوقفنا وإياكم لما يحب ويرضى. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قرب رحيلي- عضو جديد
- عدد المساهمات : 11
تاريخ الميلاد : 11/09/1990
تاريخ التسجيل : 26/06/2009
العمر : 34
العمل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى